كل مشاكلك من “ظنّيت” !

مما لا شكّ فيه أن الكثير من مشاكلنا اليوميّة “في العمل، والبيت، وبين الأصدقاء” هي بسبب خللٍ أساسيّ في التواصل “Communication Error”. تبادل المعلومة بين الأشخاص هي مرحلة معقّدة. لا تخرج المعلومة من عقلك، إلى لسانك، ثم إلى عقل الشخص الآخر مباشرة كما خرجت من عقلك. في طريقها هي معرّضة لسوء الفهم والتحليل. هناك دائماً معوّقاتٌ للتواصل: حاجز اللغة، اختلاف الفهم للغة الجسد، اختلاف التحليل للكلام والمعلومة، نسيان بعض أجزاء الرسالة، وغيرها الكثير.

لاستعراض أهميّة وضوح المعلومة، وخطورة أخطاء التواصل، سأتعرض هذا المثال من المجال الطبّي:

يأمر الطبيب الممرضة بتصويم المريض عن أيّ شيء بعد منتصف الليل، تجهيزاً للعملية في الصباح التالي. الطبيب يظنُّ أنه من الأبجديات أن الصيام يستثني دواء الضغط “الضروريّ”. الممرضة -امتثالاً لكلام الطبيب- تلتزم بتصويم المريض عن كلّ شيء، ظنّاً منها أن الأدوية جزء من الموضوع. في الصباح، الطبيب جاهز للعملية، لكن للأسف ضغط المريض مرتفعٌ جداً بسبب تخلفه عن أخذ حبة الضغط. النّهاية: يتمُّ تأجيل العمليّة.

هذا مثالٌ لفجوة في التواصل. الطبيب “ظنّ” شيئاً، والممرضة “ظنّت” شيئاً آخر. كلى الطرفين له الحقّ في التمسك برأيه، لكن في نفس الوقت، كلاهما أخطأ لأنّه غلّبَ “الظن” على “اليقين“. كان من المفترض أن يكون الطبيب أكثرَ تحديداً في رسالته، وكان من المفترض أن تكون الممرضة مبادرةً بالسؤال عمّا هو غامض.

في المجالات الحيويّة، وحينما تكون حياة النّاس على المحك “مجال الطيران، الهجمات العسكريّة، علاج المرضى والعمليات الجراحية..” فإن الخطأ في التواصل قد يؤدي إلى إنهاء حياة شخص، أو أشخاص عدّة. لذلك، لاحظوا في مجال الطيران مثلاً، فإن برج المراقبة يكرر على كابتين الطائرة نفس الرسالة أكثر من مرة، بكلمات سهلةٍ وبسيطة، وبجملٍ قصيرةٍ ومفهومة. وفي حال وجودِ شكّ “ولو بسيط” عندَ أحد الطرفين، فإنّه -بكلّ بساطة- يعيد السؤال، إلى أن يتأكد من المعلومة، أو يصححها.

وعودة إلى حياتنا اليومية، كثيرٌ من المشكلات تنشأ بسبب سوء في التواصل، وعدم وضوح في تبادل المعلومات. قد لا تصلِ لمرحلة تهديد حياةِ أحد الطرفين، لكنّها بكل تأكيد قد تؤدّي إلى تنغيص اليوم على كليهما. لا عيبَ أبداً من التحدّثِ بأسلوب واضح، وطلبِ الأشياء بطريقةٍ سهلة. كما أنّه لا عيب -في المقابل- من الاستفسار عن غموضٍ في أحد هذه المعلومات “إن لم تكن واضحة”. الوضوح وإعادة السؤال، أفضل من أن ينتهي المطاف بـ “ظنّيت“.

دمتم بخير 😊

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.